سيادة الرئيس،
تبقّى يومان لا ثلاثة.
أصارحك أني طوال أحد عشرة سنة بقيت محتاراً كما احتار أكثر السوريين، وطفقت أرجئ الأسئلة إلى غدٍ مشرقٍ موعود، وما فتئت الأسئلة تتراكم...
ما مغزى عبارات "ربيع دمشق" و"الحرس القديم" و"الإصلاح"؟
هل سيستطيع المواطن قريباً أن يبدي رأيه بسياسات تتحكم بحياته دون أن يلتفت يمنةً ويسرة؟
ما الأكثر نَيلاً لهيبة الدولة وإضعافاً للروح القومية؟ كلمةٌ معارِضة أَم الإهمال الذي تعانيه منطقة الجزيرة؟
ما الأكثر خطراً على الأمة؟ احتجاجٌ سلمي يطالب بقضاءٍ مستقلّ أم استملاكاتٌ في مدينة دمشق القديمة مُسلطة فوق رقاب ساكنيها منذ أيام الوحدة؟
ما معنى الانفتاح الاقتصادي إذا بقيت الاتصالات الخلوية حكراً على كوكا كولا وبيبسي كولا؟
لم اقتدينا بالنموذج الصيني ولم نسينا النموذج الصيني؟
وهل سنعيش إلى أن ينتهي بناء مجمّع يلبغا؟
اليوم تخرج كل هذه الأسئلة من سلة مهملات أذهاننا دفعةً واحدة وتمهلُنا يومين إضافيين لا ثلاثة.
تمنحنا أكثر من أربعين ساعة بقليل.
الشعب منهكٌ من الترقّب، تتقاذفه الاعتقالات وتُهَم الاندساس وشبح الطائفية وطائفة الشبّيحة.
الشعب يخاف من إراقة المزيد من الدماء ولا ينادي بإسقاط النظام وإنما يريد أجوبة وأفعالاً.
الشعب ملّ من الشعارات "وبَس".
ما الإصلاح في يومين؟ أين نقطة البداية الجديدة؟ إذا كان للمرء أن يأمل بناءً على مطالب الأغلبية فأملي أن...
تلغي حالة الطوارئ نهائياً والقانون الذي أجازها لا أن تعلّق العمل بها فقط،
تعلن حلّ المؤسسات التي أفرزتها تلك الحالة،
تعفو عن جميع سجناء الرأي والسجناء السياسيين وتأمر بإخراجهم إلى الحرية فوراً،
تعلن الحداد الرسمي على شهداء سورية الذين سقطوا وهم يطالبون بالإصلاح وتوجِّه باعتقال مغتاليهم ومحاكمتهم،
تحدث في الحكومة الجديدة وزارةً لمكافحة الفساد والاحتكارات،
تطلق استشارات لتشكيل لجنة مهمتها صياغة دستور جديد لا يمنح حزباً، أيَّ حزبٍ، مكانة القيادة في المجتمع والدولة،
تقترح جدولاً زمنياً للاستفتاء الدستوري وللانتخابات التشريعية.
اليوم الخطاب المرتقب، والخطاب كلمات، والكلمات تتجسّد أفعالاً، ودماء الشهداء تناديك أن تفعل.
أمامنا يومان لا ثلاثة.
ثمّ يأتي يوم الجمعة.